
بما أن عالم اليوم متسارع جدا و يسير دون توقف فإنه من الصعب أن يجد أحدنا وقتا ليأخذ فاصلا . و لا أعني هنا فاصلا من 15 دقيقا لشرب فنجان من القهوة. بل أتحدث عن فاصل من المهمات اليومية و الواجبات المكتبية و الضغوط الحياتية . أتحد عن عطلة طويلة عن السفر إلى جزيرة استوائية أو رحلة تجول في البلد .
مؤخرا أبدت الدراسات تزايد تجاهل الناس للعطل و سعيهم الدائم لمزيد من العمل و العمل لتحقيق وعودهم و إظهار الولاء لشركاتهم . صحيح أن المدراء يسعدون بهذا التفاني في العمل و لكن عقلك و روحك تنتظر بشغف كبير فاصلا هم بغاية الحاجة له .
لماذا يحتاج عقلك و روحك و جسدك إلى رحلة بعيدة ؟ لأن السفر يمكن أن يحسن صحتك العامة و يطلق العنان لإبداعك .
هذا صحيح – السفر يمكن أن يؤثر إيجابا على قدرتك على الإبداع و يساعد على إزالة الضغط مما يحسن صحة العقل و الجسد و الصحة النفسية بشكل متكامل .
السفر يطلق العنان للإبداع .
بالنسبة للغالبية فإن الإبداع يأتي عبر تجارب جديدة و مثيرة . و لكن عندما يكون الشيء الأكثر إثارة في نهارك هو الذهاب و العودة من العمل أو النقاش المكتبي عند المشرب ، فإنك تحد من قدرات عقلك على التوسع و تحسس الإلهام .
يقول الأستاذ و الكاتب آدم غلينكسي ” التجارب الغريبة تزيد المرونة المعرفية و عمق و تكامل الأفكار ، و القدرة على القيام باتصالات عميقة بين التشكيلات المختلفة . ” هذا يعني بشكل أساسي أن الأصوات الجديدة و المناظر الجديدة و الروائح الجديدة كلها تطلق تحفز مشابك الإبداع في الدماغ .
كيف تطلق العنان لهذه المشابك ؟ عن طريق السفر .
الكثير من المبدعين كالكتاب إرنست همنغواي و مارك تواين استخدموا تجارب سفرهم العالمية لبناء أعماله . روايات همنغواي مثلا شديدة التأثر بالوقت الذي قضاه في إسبانيا و فرنسا و كذلك الأمر بالنسبة لرحلة تواين في المتوسط .
هذا الاختلاط في ثقافات جديدة و مختلفة مكنهم من كتابة بعض من أفضل كتاباتهم .
قضاء العطلة في بلد آخر أو ولاية أخرى يساعد في فتح عقلك . يمكنك تجريب طعام غريب و زيارة معالم شهيرة و إنشاء صداقات مع السكان المحليين . ببساطة يمكنك إغراق نفسك في بيئة مختلفة لبضعة أيام الأمر الذي قد يلهم قدراتك المبدعة و يفتح لك أبوابا جديدة . و لا يقتر الأمر على كونك مبدعا أكثر بل ستكون أكثر صحة و أكثر سعادة .
السفر يحسن الصحة .
السفر يطلع العنان لقوة الدماغ .
قوتك العقلية ستتأثر أيضا بفعل السفر . استطلاع أجرته مؤسسة السفر الأميركية اكتشف أن السفر و خاص للمتقاعدين يمنع الخرف و الزهايمر .
الدراسة أظهرت أن 86 بالمئة من أولئك الذين يسافرون أكثر رضى عن حياتهم بالمقارنة مع الذين لا يسافرون حيث كان 75 بالمئة منهم كذلك فقط .
السفر يقوي قلبك .
لا يغني السفر قواك العقلية فحسب بل إنه يقوي صحة قلبك أيضا . دراسة فارمنيغهام عن القلب أظهرت أن أولئك الذين لم يحظوا بعطلة لبضعة سنوات كانوا أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية من أولئك الذين كانوا يسافرون سنويا .
لماذا ؟
لأن أولئك الذين يبتعدون عن عملهم و بيوتهم عادة ما يكونون أقل ضغطا و أقل قلقا مما يخفف الضغط عن قلوبهم . في الحقيقة ، المسافرون ذكروا أن مشاعر الارتياح من الضغط رافقتهم لأسابيع بعد العودة من رحلهم .
السفر يبقي على شكل جسدي جيد .
السفر في عطلة يجعلك أكثر نشاطا . إذا كنت خارجا للاكتشاف أو متجولا في الأسواق أو متسلقا للجبال أو حتى متمشيا على شاطئ البحر . إنك تتنفس هواء منعشا و تستمتع بمناظر خلابة . و مهما كان ما تفعل فإنك ستبقى تفعل أكثر مما لو كنت عالقا في مكتبك أو في منزلك تشاه د التلفاز .
في النهاية ، السفر يجعلك أسعد على جميع الصعد .
ليس العطلة بنفسها فقط هي ما يفيدك بل كامل التخطيط و الذهاب و العودة . تلك التجربة كلها تحسن صحتك .
دراسة بحثية من كورنيل في 2014 وجت أن الناس يشعرون بسعادة أكبر إن كانوا يعرفون أنهم ذاهبون في عطلة من أنهم ذاهبو ليشتروا شيئا . لذلك فإن مجرد التخطيط لرحلة يمكن ان يجعلك تشعر بشكل أفضل على كل النواحي بشكل ملحوظ .
ليس من الصعب أن تتخيل أي من هذه الأمور . فكر بكم ستكون متحمسا عنما تخطط لعطلتك . كم المرح الذي ستشعر به و أن ترسم مسار الرحلة و تقوم بحزم أمتعتك و تخبر أهلك و أصدقائك إلى أين أنت ذاهب . كل هذه الأمور ستؤثر إيجابا على صحتك العامة .